للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَابُ دعوى الغلطِ في القسمةِ

قال محمدٌ: وإذا اقتسم القوم دارًا، وقبض كلّ واحدٍ منهم حقّه من ذلك (١)، ثم ادّعى أحدهم غلطًّا، فإنّ أبا حنيفة قال في ذلك: لا تعاد القسمة، ولكنّه يسأل البيّنة على الغلط، فإن أقام البيّنة على ذلك، أعدت القسمة فيما بينهم حتى يستوفي كلّ ذي حقٍّ حقّه؛ وذلك لأن مدّعي الغلط يدّعي حقّ الفسخ في عقدٍ قد عقده، فلا يُلتفَت إلى دعواه إلا ببيّنةٍ، كما لو ادّعى المشتري غِشًّا (٢) في المبيع، فإذا ثبت الغلط في القسمة بالبيّنة، استؤنفت القسمة؛ لأنّها للتعديل، وقد تبيّنا أنّ القاضي لم يعدل، فوجب أن يستأنفها على العدل، فإن لم تقم بيّنةٌ فأراد المدّعي للغلط استحلاف [الباقين] (٣) فله ذلك؛ لأنّه يدّعي حقّ الفسخ عليهم، فهو كما لو ادّعى الخيار، فمن حلف منهم لم يكن عليه سبيلٌ؛ لأنّ اليمين تقطع الخصومة، فإن نكل الآخر نظرت إلى حصة الذي نكل، (وقضيت للذي) (٤) ادّعى الغلط، فقسمت بينهما على قدر أنصبائهما؛ وذلك لأنّ الناكل كالمعترف بما ادُّعي عليه، واعترافه يلزمه في نفسه، ولا يلزم بقيّة الشركاء، فوجب أن يُعامَل في حقّ نفسه بما يُعامَل به لو لم يكن غيره، فيجمع نصيبه إلى نصيب المدّعي، ويقتسمان على قدر حقّهما في الأصل.


(١) في ب (منها).
(٢) في ب (عيبًا).
(٣) في أ (الناس)، والمثبت من ب، وهو المناسب في السياق.
(٤) في ب (ونصيب الذي).

<<  <  ج: ص:  >  >>