للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَاب الرجل يُسلمُ في دار الحربِ فيُجنى عليه

قال أبو حنيفة: في الرجل من أهل الحرب يُسلم في دار الحرب، فيقتله مسلمٌ عمدًا أو خطأً، فليس عليه قودٌ ولا ديةٌ، وعليه الكفارة في الخطأ، وهذه الرواية المشهورة عن أبي حنيفة في الجامع الصغير وغيره (١)، وهي أيضًا إحدى الروايتين عن أبي يوسف عن أبي حنيفة في الإملاء.

وروي عن أبي يوسف: في قومٍ من أهل الحرب أسلموا في دارهم، وقتل رجلٌ منهم رجلًا منهم خطأً، فإن أبا حنيفة قال: لا دية عليه ولا كفارة، وقال أبو يوسف: أضمّنه الدية وأجعل عليه الكفارة في الخطأ.

أستحسن ذلك، والقياس: ما قاله أبو حنيفة، والصحيح عن أبي حنيفة: أنّ فيه الكفّارة.

والوجه في ذلك قوله: ﴿فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾ [النساء: ٩٢]، فلا يخلو أن يكون المراد به الانتساب [إليهم]، أو أن يكون في جملتهم، ولا يجوز أن يكون الانتساب إليهم؛ لأنّ أصحاب النبي ينتسبون إلى الكفار، فلم يبق إلا أن يكون المراد: وإن كان في قومٍ، وقد تكون "من" بمعنى "في"؛ ولأن دم الحربي مباحٌ، فإذا أسلم في دار الحرب فلم يحرز دمه بدار الإسلام، فلا يتقوّم بالإتلاف كالمباحات قبل الإحراز.


(١) انظر: الجامع الصغير (مع شرح الصدر) ص ٤١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>