للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وروي: (أنّ النبيّ حاصر أهل الطائف لعشرٍ بقين من المحرّم) (١)، والحصار نوعٌ من القتال؛ ولأنّ القتال أمرٌ بالمعروف ونهْيٌ عن المنكر، وذلك يجوز في الأشهر كما يجوز بغير قتال.

وأمّا قوله تعالى: ﴿فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ﴾ [التوبة: ٥]، فقد قيل: إنها نسخت بقوله تعالى: ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ [التوبة: ٥]، وقيل: إنّ الأمان كان بين النبيّ وبينهم إلى هذه المدّة، فأمر بقتالهم عند انقضائها ليقضى الأمان لا لذهاب الأشهر (٢).

٢٨٢٤ - فَصْل: [حكم الجهاد]

والجهاد من فروض الكفاية: إذا قام به بعض الناس سقط عن الباقين، وإن لم يقم أحدٌ وجب على جميع الناس ولحقهم الإثم بتركه، والدليل على ذلك: أنّ النبي كان يخرج في السرايا ولا يخرج جميع أهل المدينة، ولو كان الفرض على الأعيان لم يتركهم؛ ولأنّ الجهاد أمرٌ بمعروفٍ ونهيٌ عن منكرٍ، فكان على الكفاية.

ولأنّه لو وجب على جميع الناس، لتعطّلت مصالح دار الإسلام، وبطلت الزراعة والمنافع، فلا يقدر المجاهدون على الجهاد، فيؤدي ذلك إلى إبطاله.

قال أبو الحسن رحمه الله تعالى: فرض الله تعالى الجهاد على الناس فرضًا مجملًا، فإذا قام به فريقٌ منهم فيهم جرأة [وغَنَاءٌ] (٣) ومكافأة للعدو ومقاومةٌ له،


(١) روى حصار أهل الطائف مسلم (١٠٥٩)، من حديث أنس .
(٢) والأحاديث كثيرة جدًّا في الباب، حتى قال الرازي -بعد أن ساق بعض أحاديث المسألة-: "والآثار الواردة في فرض الجهاد أكثر من أن يحتمل ذكرها هذا الكتاب". شرح مختصر الطحاوي ٧/ ٨.
(٣) في أ (وأغناه)، والمثبت من ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>