للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَابُ ما يكون عذرًا في فسخ المزارعةِ

[قال]: وإذا دفع رجلٌ إلى رجلٍ أرضه سَنَتَه هذه على أن يزرعها العامل [ببذره] (١)، فما أخرج الله تعالى من شيءٍ فهو بينهما نصفان، ثم أراد صاحب الأرض أخذ أرضه قبل أن يعمل فيها أو بعدما عمل، فليس له ذلك، إلا أن يكون عليه دينٌ ليس عنده وفاءٌ إلا ببيع أرضه؛ وذلك لما قدّمنا: أنّ الوفاء بالعقد ليس فيه إتلافُ مالٍ لربّ الأرض، فلزمه الوفاء به إلا من عذرٍ، فأمّا الدين فهو عذرٌ؛ لأنّه يستضرّ بالبقاء في الحبس، فكان له الفسخ.

فإن كان العامل قد كرب الأرض وكرى سواقيها وحفر أنهارها، وسوّى مُسَنَّاتِهَا، فقال صاحب العمل: ردّ علي ما أنفقت، لم يكن لصاحب العمل قليلٌ ولا كثيرٌ؛ وذلك لأنّ المنافع لا قيمة لها إلا بالعقد، ولم يقوّماها إلا بالخارج من الأرض، فإذا لم يحصل ذلك لم يتقوّم بغيره؛ ولأنّ العامل عمل فيما هو شريكٌ فيه، والعمل المشترك لا يستحقّ به أجرةً.

قال: فإن زرعها العامل ونبت زرعها فلم يبلغ الحصاد، ثم أراد أخذ الأرض وبيعها في دينه، فليس له أن يبيع الأرض حتى يستحصد الزرع؛ لأنها إن بيعت في دينه أضرّ ذلك بزرع الزارع، فإن كان حبسه القاضي أخرجه حتى يبلغ الزرع، ولا يحول بين أصحاب الدين وبين لزومه.


(١) في أ (بيده)، والمثبت من ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>