بَاب المعاملةِ في النخلِ والشجرِ يكونُ بين رجلينِ أو يدفعُ إلى رجلين
قال: وإذا كان النخل بين رجلين فدفعه أحدهما إلى صاحبه [معاملةً] سَنَتَه هذه على أن يقوم عليه ويسقيه، فما أخرج الله تعالى من ذلك من شيء فهو بينهما: للعامل ثلثاه، وللآخر ثلثه: فهذه معاملةٌ فاسدةٌ، فإن عمل العامل على هذا فأخرج النخل تمرًا كثيرًا، فجميع ما أخرج النخل من ذلك فهو بينهما نصفان، ولا يتصدّق واحدٌ منهما بشيء منه، ولا أجر للعامل على شريكه في عمله؛ وذلك لأنّ المساقاة عقد إجارةٍ، والاستئجار للعامل على ما هو شريكٌ (١) فيه لا يصحّ، ولا يجب فيه أجرٌ على ما بينّاه في الإجارة، وإذا لم يصحّ العقد استحقّا الخارج بملكهما، فيكون بينهما على قَدْرِ المِلْكَيْن.
وقد ذكر محمدٌ في المزارعة: في أرضٍ بين شريكين دفعها أحدهما إلى الآخر على أن يزرعها ببذره وله ثلثا الخارج، جازت المزارعة، هكذا في أكثر النسخ.
والفرق بين المزارعة والمساقاة أنّ الشركة في البذر ليست متقدمةً على العقد، فلم يكن ذلك استئجارًا على ما هو شريكٌ فيه، والشركة هاهنا حاصلةٌ في النخل؛ فلذلك لم تصحّ المعاملة عليه، وقد ذكر في بعض نسخ المزارعة: أنّ العقد فاسدٌ، فعلى هذه الرواية لا فرق بينهما.
وإنما لم يَتَصَدَّقْ واحدٌ منهما بشيء؛ لأنّ كلّ واحدٍ منهما حصل له الخارج