فأمّا إذا كان المعتق معسرًا، فللمرتهن أن يستسعي العبد في الأقل من قيمته ومن الدين؛ لأن الدين كان متعلقًا برقبته، وقد سلمت له رقبته بالعتق، فإذا تعذر استيفاء الضمان من الراهن، لزم العبد ما سلم له كغاصبَ الغاصب لما سلم له المغصوب لزمه ضمانه.
وليس هذا كالمبيع في يد البائع إذا أعتقه المشتري وهو معسر أنه ليس للبائع أن يستسعيه؛ لأن الثمن لم يكن متعلقًا برقبة العبد وإن حبس به.
وإنما سقط الثمن بهلاكه؛ لأنّ البيع انفسخ، لا لتعلقه برقبته، فإذا سلمت الرقبة للعبد وليس هناك دين متعلق بها لم يضمن.
وقد ذكر الحاكم في المنتقى عن أبي يوسف أن قوله الآخر: إن العبد المبيع يسعى إذا كان المشتري معسرًا كعبد الرهن، وإنما ضمن الأقل؛ لأن الدين إذا كان أقل من قيمته فلا حق للمرتهن إلا فيه، وإن كانت القيمة أقل فلم يسلم للعبد أكثر من ذلك، فلم يضمن ما لم يسلمه له.
وأما قوله: إن العبد قد خرج من الرهن [بالعتق]؛ فلأنه صار حرًّا، والحر لا يصح فيه الرهن ابتداءً، فكذلك لا يصح بقاؤه. والله أعلم.
٢٣٧٩ - فَصْل:[السعاية في الرهن]
قال: وهذا الذي ذكروه من السعاية لا خلاف فيه إذا كان الرهن معلومًا، فأما إذا قال المولى لعبده: قد رهنتك عند فلان وكذبه العبد، ثم أعتقه المولى وهو معسر، لزم العبد السعاية عندنا.