للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَابْ الصلح في الوديعة وما في معناها

قال: إذا أودع رجلٌ رجلًا وديعةً ثم جاء يلتمس أخذها، فقال المُودَع: قد هلكت أو [قد] رددتها عليك، أو ادّعى وجهًا مما يكون القول قوله فيه مع يمينه، وكذّبه الطالب، وادعى أنّه استهلكها، ثم اصطلحا بعد هذا القول على شيء، فالصلح باطلٌ في قول أبي يوسف.

وقال محمدٌ: الصلح جائز إذا ادّعى ربّ الوديعة ما يوجب الضمان على المُودَع.

لأبي يوسف أنّ دعوى المُودَع للردّ أو الهلاك تبرئه من الدعوى، كما يبرأ بإبراء صاحب الدين من الدين، فكما لا يجوز الصلح في الديون بعد البراءة، فكذلك لا يجوز في الوديعة بعد دعوى الهلاك.

ولا يقال: لو برئ بقوله لم يجب عليه اليمين؛ لأنّ اليمين إنّما هي لتأكيد البراءة؛ لا أنّ البراءة تقف عليها، ولأنّ المالك لما ائتمن المُودَع وأقامه مقام نفسه في الحفظ، صار دعواه للهلاك كاعتراف المودع بذلك، فيمنع [من جواز] الصلح (١).

وجه قول محمدٍ: أن المدّعي يدّعي وجوب الضمان على المُودَع بالاستهلاك، فجاز الصلح كما يجوز في سائر الدعاوي؛ ولأنّ دخولها في عقد


(١) انظر الأصل، ١١/ ١٠٢ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>