قال أبو الحسن: فإذا حلف الرجل لا يشرب من دِجلة أو من الفرات فإن أبا حنيفة قال: لا يحنث حتى يكرع في الدجلة والفرات كرعًا يباشر الماء بفيه، فإن أُخِذ من [ماء] ذلك النهر بيده أو بإناء واستُقِيَ له فشرب منه لم يحنث.
وقال أبو يوسف ومحمد: إن شرب بإناء أو اغترف بيده أو كرع حنث.
قال الشيخ رحمه الله تعالى: والأصل في هذا: أن عند أبي حنيفة أن اليمين إذا كانت لها حقيقة متعارفة ومجاز متعارف، حملت على الحقيقة المتعارفة دون المجاز [المتعارف]، وعلى قولهما يحمل عليهما، وقد بينا هذه المسألة، ومعلوم أن الكرع من الدجلة هو الحقيقة، وذلك متعارف يفعله كثير من الناس، والمجاز متعارف وهو أن يأخذ منها بإناء [أو بيده] فحملت عنده على الحقيقة، وعندهما على الأمرين، ومن أصحابنا من قال: إن أبا حنيفة شاهد العرب (١) بالكوفة وكانوا يفعلون هذا ظاهرًا معتادًا، فحمل اليمين عليه، وهما شاهدا الناس بعد ذلك لا يفعلون [ذلك] إلا نادرًا، فلم يخصا اليمين به.
٢٢٣٥ - فَصْل:[فيمن شرب مما تفرع من دجلة حيث حلف لا يشرب من دجلة]
قال: فإن شرب من نهر يأخذ من دجلة أو من الفرات، لم يحنث في قولهم