قال أصل هذا الباب: إن العقود لا يقف انعقادها على عبارة بعينها، وإنما يقف على ذكر معانيها؛ ولهذا يعقد البيع بلفظ التملك، والنكاح أيضًا بلفظ الهبة، وكذلك المضاربة لا يقف عقدها على لفظها إذا أتى بمعناها.
وقد بيّنا أن المفاوضة تنعقد بالمعنى، والذي روى الحسن أنها لا تنعقد إلا بلفظ المفاوضة؛ فلأن العادة أن العامة لا تستوفي معانيها.
قال أبو الحسن: إذا دفع الرجل إلى رجل مضاربة أو مالًا مقارضة، أو معاملة فهو مضاربة؛ لأن المضاربة صريح اللفظ، والمقارضة صريح بلغة أهل المدينة، والمعاملة عامة في البيع والشراء، وهذا معنى المضاربة.
وكذلك إذا قال: خذها واعمل بها على أن ما رزق الله تعالى من شيء فهو بيننا نصفان، أو على أن لك ثُلثُه أو عُشره ولم يزد على هذا، فهذا جائز، وهي مضاربة؛ لأن قوله: فاعمل فيها عام في البيع والشراء.
فإذا قال: خذ هذه الألف فابتع (١) بها متاعًا بما كان من فضل ولك النصف، ولم يزد على هذا القول، فهو جائز، والمال مضاربة؛ [وذلك لأن الفضل لا يحصل إلا بالبيع والشراء، وهذا معنى المضاربة].
فإن قال: خذ هذا المال فاشترِ به هَرَويًا بالنصف، أو رقيقًا بالنصف، ولم