للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الإيجاب، كان إيجابًا، وإن أراد اليمين، كان يمينًا، وإن أرادهما، كان إيجابًا.

وجه قولهما: أنّ اللفظ يصلح لكلّ واحدٍ منهما؛ بدلالة أنّه إذا نواه حمل [عليه]، وإذا صلح لهما ولا تنافي بينهما، جاز أن يحمل عليهما، كلفظ العموم، وليس هذا عند أبي حنيفة كالحقيقة والمجاز؛ لأنّ أحدهما مستعملٌ في موضعه، والآخر معدولٌ به عن موضعه، وذلك مستحيلٌ في الشيء الواحد.

وجه قول أبي يوسف: أنّ الإيجاب يقتضي وجوب القضاء بترك الفعل، واليمين لا يقتضي القضاء، وإنّما يوجب الكفارة، فاختلف حكمهما، فلم يجز أن يُرادا بلفظٍ واحدٍ، وليس كذلك الحقيقة والمجاز؛ لأنّ معناهما غير مختلف.

فإذا ثبت هذا، قال أبو يوسف: إن أراد اليمين كان يمينًا؛ لأنّ النذر يمينٌ؛ لقوله عَلَيْهِ الصَّلَاةُ السَّلَامُ: "النذر يمين، وكفارته كفارة يمين" (١)، وإن أراد الإيجاب، فهو ظاهر لفظه، وإن أرادهما، حُمل على الإيجاب؛ لأنّه يقتضي وجوب القضاء، فكان أولى ممّا لا يُوجب القضاء.

٨٦٦ - فَصْل: [إيجاب ما له أصل في الواجبات]

والأصل في وجوب المنذور بالنذر، قوله تعالى: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ﴾ [التوبة: ٧٥]، إلى قوله: ﴿فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا﴾ [التوبة: ٧٧]، فالله تعالى ذمَّهم في قوله بترك النذر (٢)، والذمّ لا يكون (٣) إلا بترك واجبٍ.


(١) أخرجه أحمد (١٧٣٧٨)؛ والطبراني في الكبير (٨٦٦) من حديث عقبة بن عامر ، وإسناده حسنٌ كما في فيض القدير للمناوي (٦/ ٢٩٨).
(٢) في ب (فذمهم ترك الوفاء بالنذر).
(٣) في ب (لا يستحق إلا في ترك الواجب).

<<  <  ج: ص:  >  >>