للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٧٠٣ - فَصْل: [اليمين تقوم مقام البينة]

وذكر عن ابن أبي مليكة قال: كتبت إلى ابن عباس -وكنت عاملًا- في امرأتين كانتا على جداد، فجاءت إحداهما تذكر بأن صاحبتها وَجَأتها، وليست لها بيّنة، فكتب إليّ ابن عباس أن: اسألها البيّنة، فإن لم تكن لها بينة فاستحلفها واقرأ عليها القرآن: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا﴾ [آل عمران: ٧٧]، فإنه بلغنا أن النبي قال: "لو أعطينا الرجل بدعواه، لادَّعَى الرجل مال الرجل" (١)، فاستحلَفتها فأبت أن تحلف، فألزمتها.

وهذا يدل على أن الحاكم يسأل المدعي عن البينة قبل الاستحلاف، ويدل على وجوب اليمين في دعوى الجناية، وقد دَلَّ على أن القاضي يعظم حرمة اليمين، ويعظ المطلوب قبل الحلف، حتى لا يقدم على يمين كاذبة، ويدل على وجوب القضاء بالنكول؛ لأنه قال: فنكلت فألزمتها (٢).

وذكر عن قتادة في قوله تعالى: ﴿وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ﴾ [ص: ٢٠]، قال: الحكمة: البينة، وفصل الخطاب: البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه (٣)، وهذا يدل على أن الأحكام التي ذكرها النبي في خبر ابن عباس ثابتة في شريعة من قبلنا، وقد صارت شريعة لنا بقوله .

قال أبو الحسن بعد ذكر [حدّ] المدعي: فإذا كانت الدعوى على حاضر، سأل الحاكمُ المُدَّعَى عليه عما ادُّعِيَ عليه، فإن أقرّ به ألزمه


(١) أخرجه الإمام أحمد في المسند بلفظ (لو أن الناس أعطوا بدعواهم، ادعى ناس من الناس دماء ناس وأمواهم … ) ١/ ٣٤٢، وابن ماجه (٢٣٢١)؛ وأخرج الطبراني نحو هذه القصة، ١١/ ١١٦.
(٢) انظر: الأصل ١١/ ٥٠٧.
(٣) انظر: تفسير ابن عطية (المحرر الوجيز) ص ١٥٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>