قال أبو الحسن: فإن غاب أحد المشتريَين وحضر الآخر، لم يكن له أن يقبض المبيع [حتى] يُسلم جميع الثمن، ولا يجبر على ذلك، فإن اختار ذلك سلّمه وقبض العبد، ولم يكن متبرِّعًا فيما نقد في قول أبي حنيفة ومحمد، وله حبس العبد حتى يُعطيه شريكه ما نقدهُ عنه، وقال أبو يوسف في الأصل والجامع الصغير: ليس له أن يقبض حتى يؤدّي جَميعَ الثمن، فإذا أدَّى قبض نصيبه خاصَّة، وهو متطوع فيما نقد عن صاحبه، وذكر بشر بن الوليد عنه في نوادره: أنه يدفع نصف الثمن، ويأخذ نصف العبد، فإذا أدى جميع الثمن وأخذ العبد فهو متطوع.
وقال الشافعي: له أن يأخذ نصف العبد إذا أدَّى نصف الثمن.
وإنما قلنا: إنَّه لا يجوز أخذ شيء من العبد إذا أدَّى نصيبه من الثمن؛ لأنَّ في ذلك تفريق الصفقة [على البائع](١) في الحبس، وذلك لا يجوز، كما لا يجوز تفريق الصفقة عليه في الملك، وأصله إذا كان المشتري واحدًا.
وعلى الشافعي: أن البائع سمَّى ثمنًا حالًا جملةً واحدةً، فلا يجوز قبض شيء من المبيع قبل استيفاء الثمن، كالمُشتري الواحد، وإنما قلنا إنَّه إذا أدَّى نصيب شريكه لم يكن متطوعًا؛ لأنَّه لا يتوصل إلى استيفاء حقِّه إلا بأداء ذلك، فدخولهما في العقد إذن من كل واحد منهما لصاحبه فيما يتوصل به إلى تحصيل أحكام العقد، فصار ذلك كالإذن في دفع الثمن من طريق القول، وليس كذلك إذا كان شريكه حاضرًا؛ لأنَّه يتوصل إلى استيفاء حقِّه من غير دفع الثمن بأن يقدّم الشريك إلى الحاكم فيلزمه الاجتماع معه على الدفع، فإذا لم يفعل حتى أدَّى