للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَاب الموادعةِ

قال أبو حنيفة : لا ينبغي موادعة (١) أهل الحرب إذا كان بالمسلمين عليهم قوّةٌ، وإن كان المسلمون لا قوة لهم عليهم، أو كانت لهم قوةٌ إلا أنّ الموادعة خيرٌ للمسلمين وأصلح في التدبير، فلا بأس بذلك، وأمّا إذا استغنوا عن الموادعة فلا يجوز؛ لقوله تعالى: ﴿فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ﴾ [محمد: ٣٥]؛ ولأنّ في الموادعة ترك القتال، وقد أمر الله تعالى بالجهاد وقتل المشركين.

فأمّا إذا احتاج المسلمون إلى ذلك بأن كانوا لا طاقة لهم، وكان الصلح أصلح، فلا بأس بفعله؛ لقوله تعالى: ﴿وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا﴾ [الأنفال: ٦١]، ولأنّ النبيّ صالح قريشًا يوم الحديبية ووادعهم على ترك القتال.

قال: وإن أخذوا منهم على ذلك جعلًا فلا بأس؛ لأنّ المال يجوز أخذه على ترك [قتال] (٢) الكفار كما يجوز أخذ الجزية.

قال: وإذا غلب المرتدون على دارٍ من دور الإسلام، فلا بأس بموادعتهم إذا خيفوا ولم تؤمن غلبتهم، وكذلك إن كانت الموادعة أصلح في تدبير أمر المسلمين، وكذلك موادعة أهل البغي إذا خيف غلبتهم، أو كانت موادعتهم


(١) "الموادعة - بفتح الميم وفتح الدال -، من وادع: المتاركة، والمراد هنا: المصالحة وترك الحرب". انظر: المُغرب؛ معجم لغة الفقهاء (ودع).
(٢) في أ (قتل)، والمثبت من ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>