وروي: أن عثمان لما صَلَّى بمكة أربعًا، قال عبد الله بن مسعود: "إنا لله وإنا إليه راجعون، صلى رسول الله على مرحلتين ركعتين، وصلى أبو بكر وعمر ركعتين، فاعتذر عثمان بأعذار [بأنه تأهل بمكة]، لما اعتذر إليهم؛ ولأنها حالة تكره الزيادة فيها على ركعتين، فلم يقع عن فرضه كالجمعة؛ ولأن كل صلاة لو نوى عددها، كانت ركعتين، فإذا أطلق النية، كانت ركعتين، كالفجر.
والذي روي عن عثمان، فقد بينا أنه اعتذر فقال: إني امرؤ قد تأهلت بمكة.
قال الطحاوي قد روي عن أكثر الصحابة فعل الركعتين، ومن روي عنه أنه صلى أربعًا، لا يدل على أنه يذهب إلى ما يقوله الشافعي؛ لأن منهم من يعتقد أن القصر في السفر فرض، ومنهم من قال: لا يجوز لمن لا يلحقه مشقة، فيجوز أن يكون عثمان أيضًا صَلَّى لهذه العلة.
وإذا ثبت أن فرضه ركعتان، قلنا: إذا صلى أربعًا لا يخلو: إما أن يكون قعد في الثانية، أو لم يقعد، فإن كان قعد، فقد صَحَّ خروجه إلى النفل مع بقاء فرض من فروض الصلاة عليه، ففسد فرضه، ويلزمه إعادته، وإن قعد، فقد أَتَمَّ صلاته، وإنما ترك السلام، وتركه لا يفسد الصلاة، فصار كمن فرغ من فرضه ثم أتى بالنفل.
٤٢٥ - [فَصْل: مقدار السفر الذي تقصر فيه الصلاة]
قال أبو الحسن ﵀: والسفر الذي [يقصر] فيه الصلاة، أدناه: ما كان مسيرة ثلاثة أيام سير الإبل، ومشي الأقدام على القصد من ذلك، ولا يعتبر في ذلك السرعة والإبطاء الخارجان عن العادة.