للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد قال أصحابنا: إذا صام في هذه الأيام كان صائمًا، ويُكره له ذلك. وقال الشافعي: لا ينعقد فيها صوم (١).

لنا: أنّه نهى عن صيامها، والنهي لا يمنع وقوع المنهيّ [عنه]، إنّما يمنع جوازه [عن] القرب؛ ولأنّه يومٌ نُهيَ عن الصوم فيه، فوجب أن يصح فيه نوع من الصيام، كيوم الشكِّ.

٨٣٤ - [فَصْل: نذر صوم الأيام التي يكره فيها الصوم]

وأمّا إذا نذر صوم هذه الأيام، صحَّ نذره في رواية محمد عن أبي حنيفة، وكذلك رواه بشرٌ عن أبي يوسف عن أبي حنيفة، ويقال له: صُم غيرها، وهو قول أبي يوسف ومحمد.

وروى ابن سماعة عن أبي يوسف عن أبي حنيفة: أنّه لا يلزم بالنذر شيءٌ، وهو رواية ابن المبارك عن أبي حنيفة، وهو قول زفر.

وجه الرواية الأولى: أنّه يومٌ يلي رمضان، فصحّ نذر صومه ابتداءً، كيوم الشكِّ؛ ولأنه يوم عيدٍ في الشريعة، فإذا نذر صومه ابتداءً، صحّ كيوم الجمعة.

ولا يمكن للشافعي أن يقول بموجبه على أحد قوليه، فيمن قال: لله عليّ أن أصوم كل خميس، فوافق ذلك هذه الأيام؛ لأنّه ليس بابتداء نذرٍ (٢)، وإلا صلح أن يتكلم مع الشافعي في نذر صوم أيام التشريق، فنقول: إنّه وقتٌ مختلفٌ في جوازه عن فرضه، فصحَّ إضافة النذر إليه، كيوم الشكِّ.


(١) انظر: مختصر اختلاف العلماء ٢/ ٤٠؛ المزني ص ٥٩.
(٢) قال النووي: "لا ينعقد نذره، ولا يلزمه بهذا النذر شيء، وبه قال مالك وأحمد وجماهير العلماء". انظر: المجموع ٨/ ٣٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>