للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والدليل على ما قلنا: قوله تعالى: ﴿وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ﴾ [البقرة: ٢٣٦]، وهذا أمر، والأمر على الوجوب، ثم قال: ﴿حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ﴾ والحق يقتضي الوجوب، و"على" من ألفاظ الوجوب؛ ولأنه نكاح بين مسلمين فلا يخلو من عوض كالتي سمى لها مهرًا.

١٦٥٨ - [فَصْل: في تحديد المستحقة للمتعة]

ولا تجب المتعة (١) عندنا إلا لمطلقة واحدة: وهي التي طلقها قبل الدخول والتسمية في العقد، وقال الشافعي: لكل مطلقة المتعة إلا التي طلقها قبل الدخول وقد سمى لها مهرًا (٢).

ويتعين الخلاف في المدخول بها، والدليل على أنه لا تجب المتعة لها: أنها استحقت كمال مهرها كالمتوفى عنها زوجها، ولأن المطلقة قبل الدخول تستحق نصف المسمى ولا تجب لها متعة، فالمطلقة التي استحقت جميع المسمى أولى أن لا تجب لها المتعة. وإنما قلنا: إن المطلقة قبل الدخول إذا سمى لها مهرًا فلا متعة لها، وهو قول ابن عباس، وابن عمر، وشريح، وإبراهيم، ومحمد بن علي، ولا مخالف لهم (٣)؛ ولأن المتعة إنما تجب من طريق الحكم كالقيمة التي تجب في البيع الفاسد، ومعلوم أن القيمة لا تجتمع مع المسمى ولا مع جزء منه فكذلك المتعة.


(١) المتعة: من التمتع بالشيء: الانتفاع به، وهو الانتفاع بالشيء على وجه يكفل إرواء الحاجة، ويدوم طويلًا.
قال ابن عرفة: "المتعة: ما يؤمر الزوج بإعطائه للزوجة لطلاقه إياها". شرح حدود ابن عرفة ١/ ١٨١؛ انظر: المغرب؛ المصباح (متع).
(٢) قال الشافعي : "جعل الله المتعة للمطلقات، وقال ابن عمر: لكل مطلقة متعة، إلّا التي فرض لها ولم يدخل بها، فحسبها نصف المهر". مختصر المزني ص ١٨٤؛ انظر: المهذب ٤/ ٢٢٠.
(٣) انظر: تفسير ابن عطية، ص ٢١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>