بَابْ: جنايةِ المدبرِ والمكاتبِ وأم الولدِ على المولى وجنايةِ المولى عليهم
قال أبو الحسن رحمه الله تعالى: وإذا جنى المُدبَّر على مولاه، أو رقيق مولاه، أو متاعه، فهو هدرٌ كله.
أما جناية المُدبَّر على المولى، فلا يخلو: إما أن يكون عمدًا، أو خطأً، فإن كانت عمدًا، ثبتت ووجب بها القِصَاص؛ لأنّ المُدبَّر مع مولاه كالأجنبي (في جناية العمد)(١).
ألا ترى أنّ المولى لا يملك أنّ يُقرّ عليه بجناية العمد؛ ولأنّ الله تعالى قال: ﴿وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ﴾ [المائدة: ٤٥]، ولم يُفضّل.
وقد قال أصحابنا: إنّ المُدبَّر إذا قتل مولاه عمدًا وجب عليه أن يسعى في قيمته؛ لأنّ العتق وصيةٌ، فالوصية لا تُسلّم للقاتل، إلا أنّ فسخ العتق بعد وقوعه لا يَصِحُّ، فوجب عليه قيمة نفسه.
ثم الورثة بالخيار: إن شاؤوا عجّلوا القِصَاص، وإن شاؤوا استوفوا السعاية ثم قتلوه؛ لأنّ كلّ واحدٍ من الأمرين حقٌّ لهم.
ولا يكون اختيار السعاية مسقطًا للقِصَاص؛ لأنّ السعاية بدلٌ عن الرقّ، وليس بعوضٍ عن المقتول.
فأمّا إذا قتل المُدبَّر مولاه خطأً: فالجناية هدرٌ، وكذلك إن كانت فيما دون