ثم رجع عن ذلك أبو يوسف فقال: لا تجوز وكالةٌ في حدودٍ ولا قصاصٍ، في إقامة بيّنةٍ ولا غير ذلك.
وقد بينا فيما مضى: أن الوكالة باستيفاء الحد مع غيبة المقذوف لا تجوز في قولهم، والوكالة بإثبات الحد تجوز عند أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، ولا يجوز عند أبي يوسف (في قوله الآخر)(١).
٢٦٨٦ - :[فَصْل: فيمن يأخذ بالحدّ للميت]
وقالوا جميعًا: إذا قذف الميت، فلولده أن يأخذوا بحدّه، ولابنه ولابن ابنه أو ابنة ابنه أن يأخذوه بالحدّ للميت، ولا يأخذ بالحد للميت إلا والدٌ أو ولدٌ، ولا يأخذ بذلك أخٌ ولا عمٌّ ولا مولى.
وقال ابن أبي ليلى: يأخذ بالحدّ الولد والوالد والأخ.
وقال محمد: لا يأخذ بالحدّ إلا الوالد والولد ممن يرث ويورث، وتأخذ ابنة ابنه بالحدّ إذا قذف جدها وهو ميت، ولا يأخذ بذلك ابنة الابنة، والجدة أم الأم إذا قذفت، لم يكن لابن ابنتها أن يأخذ بحدها، وكذلك إن قذف -[وهو ميتٌ]، وهي حيَّةٌ- لم تأخذ بحدّه.
قال: وجملة هذا أن كلّ من يقع بقذف الميت قدحٌ في نسبه، فله أن يطالب بحدّه، ومن لا يقع بقذف الميت قدحٌ في نسبه لا يطالبُ بالحدّ؛ لأن الحد عندنا لا يورث، وإنما يثبت للوارث ابتداءً بقذف المورث، فمن يقع بالقذف قدحٌ في