قال أبو الحسن: وإذا افترق المتعاقدان في السلم بعد القبض ثم وجَد المُسلم إليه رأسَ المال زُيوفًا أو بهرجةً، فإن تجوَّز بها صحَّ السلم، وإن استبدلها بطل عند أبي حنيفة، ولا يبطل عندهما إذا قبض في المجلس الذي ردَّها فيه، فإن افترقا قبل القبض في الردَّ بطل السَّلَم، وإن أصابها ستوقة أو رَصَاصًا أو جنسًا غير الفضَّة أو استحقَّت في يده بعد الافتراق، بطل السَّلَم عندهم جميعًا.
قال: وجملةُ هذا: [أنّ] رأسَ المالِ إذا لم يكن دَينًا في الذمَّة وكانَ عينًا مُشارًا إليها، فاستحقَّ في المجلس أو بعدَ المجلس، أو وجدَ به عيبًا فردَّه، بطل السلم؛ ولأنَّ العقدَ وقع على عينهِ، فإذا استحقَّ أو رده بعيب بطل العقد فيه، ولا يَعود إلا باستئناف عقد.
فأمَّا إذا كان رأسُ المال دينًا في الذمَّة فقبضهُ ثم وجده في المجلسِ زائفًا فردَّه، أو رَصاصًا، أو ستوقًا، أو استحقَّ فأعطاه بدله في المجلس صحَّ العقد؛ لأنَّ استحقاقه وردَّه يبطل فيه القبض، ويبقى مُوجب العقد في الذمَّة بحاله، فكأنَّه لم يقبض رأسَ المال حتى الآن، وتأخير القبض في المجلس معفو عنه.
وأمَّا إذا افترقا، فوجده بهرجة أو زيوفًا أو ستوقًا، أو رصاصًا، أو استحقَّ فلم يجز المستحق القبض، بطل العقد في قولهم؛ لأنَّ الستوقة والرصاص ليست من جنسِ الأثمان، فقبضها لا يُعتد به، فصار كأنهما افترقا عن غير قبض.