قال أبو الحسن: وإذا رهن الرجل عبدًا قيمته ألف درهم بألف درهم، فقتل العبد قتيلًا خطأً، فضمان الجناية على المرتهن؛ لأن العبد كله في ضمانه، فيقال للمرتهن: افده من الجناية، فإن فداه صَحَّ رهنه، وكان دينه على الراهن على حاله، وليس للمرتهن دفع العبد على حال.
وإنما ابتدئ في الجناية بالمرتهن؛ لأنا لو خاطبنا الراهن في الجناية لجاز أن يختار الدفع، فيمنعه المرتهن من ذلك؛ لأن حقه أن يقول: أنا أفدي حتى أصلح رهني، فلهذا وجبت البداية به في الخطاب.
فإذا فدى فقد أسقط الجناية عن رقبة العبد، فكأنها لم تكن، فبقي الدين في الرهن على حاله، ولا يرجع على الراهن بشيء من الفداء؛ لأن العبد كله مضمون، وجناية المضمون كجناية الضامن.
ولو رجع على الراهن رجع الراهن عليه، وإنما لم يملك المرتهن الدفع؛ لأن الدفع تمليك الرقبة، وهو لا يملك الرقبة.
قال: فإن أبى المرتهن أن يفدي، قيل للراهن: ادفع العبد أو افده بالدية؛ لأنه مالك للرقبة، والخطاب بحكم الجناية يتوجه إلى المالك، وإنما بدأنا بالمرتهن لما له في الفداء من الحق، فإذا امتنع من الفداء طولب الراهن بحكم الجناية، ومن حكمها التخيير بين الدفع والفداء.