قال أصحابنا: إذا اشترى المضارب بجميع مال المضاربة ثيابًا، ثم استأجر على حملها أو على قصارتها أو على فتلها، فهو متطوع في ذلك كله؛ وذلك لأنه لما ابتاع بجميع رأس المال لم يبق في يده ما يجوز عقده به، فصار عاقدًا لنفسه، فيكون متطوعًا [به] في حق الغير، كمن حمل متاعًا لغيره أو قصّره.
قال محمد: وكذلك إن صبغها أسود من ماله فنقصها ذلك، ولم يزد فيها شيئًا، فلا ضمان [في شيء من ذلك إذا كان رب المال قال له: اعمل في ذلك برأيك أولم يقل؛ وذلك لأن أجرة الصبغ لو صار دينا في المال كان مستدينًا] عليه، وقد بيّنا أن الاستدانة لا تجوز، ولا يصير شريكًا بالسواد؛ لأنه لم يوجد (١) زيادة في العين، وإنما نقصها، ولا يضمن بفعله [نقصه]؛ لأنه مأذون فيه بعقد المضاربة، ألا ترى أنه لو كان في يده فضل فصبغ [به] الثياب سوداء فنقصها ذلك لم يضمن، فكذلك إذا صبغها بمال نفسه.
قال: ولو صبغ المتاع بعُصْفُرٍ أو زَعْفَرَانَ أو صبغٍ تزيد قيمتها وليس في يده من مال المضاربة [شيء]، فإن كان لم يقل له: اعمل برأيك فهو ضامن، ورب المال بالخيار: إن شاء ضمنه قيمة متاعه يوم صبغه وسلم إليه المتاع، وإن شاء ترك المتاع حتى يباع فيضرب فيه رب المال بقيمته أبيض، ويضرب