للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[٧٠] كتابُ العاريةِ

قال أيده الله تعالى: العارية عقدٌ جائزٌ، والدليل عليه: أن النبي استعار من صفوان بن أميّة درعًا (١)، وقال : " [العارية مؤدَّاةٌ و] المنحة مردودةٌ" (٢)؛ ولأن المنافع يصح تمليكها، فجاز أن تملك بعوضٍ وغير عوضٍ كالأعيان، ولا خلاف في جواز ذلك بين الأمة.

واختلف أصحابنا رحمهم الله تعالى في معنى العارية، فذكر أبو الحسن: أنها إباحة المنافع.

وكان أبو بكر يقول: إنها تمليك المنافع (٣).

واحتج من نصر قول أبي الحسن: بن المستعير لا يجوز له أن يؤاجر ما استعاره، ولو ملك المنافع، لجاز له أن يؤاجرها كالمستأجر.

والصحيح: أنها تمليكٌ؛ وذلك لأن المستعير يملك أن يُعير، ولو كانت إباحةً لم يجز أن يُملّكها لغيره، كما لا يجوز لمن أبيح له طعام أن يبيحه لغيره.

ولأن العريّة والعارية اشتق أحدهما من الآخر، وإنما خصّوا كل واحد من


(١) أخرجه أبو داود (٢٣٠١)؛ وصححه ابن حبان، (٤٧٢٠).
(٢) أخرجه أبو داود (٣٥٦٥)؛ والترمذي (٢١٢٠)؛ وابن ماجه (٢٣٩٨)؛ وقال: "حسن صحيح".
(٣) العارية في اللغة: مشتقة من التعاور، وهو التناوب والتداول.
وفي الاصطلاح: "هي عقد تبرع بالمنفعة". معجم المصطلحات الاقتصادية ص ٢٣٦.
وعرّفها الحدادي بأنها: "عبارة عن تمليك المنافع بغير عوض". كما بيّنها المؤلف، وسمّيت عارية؛ لتعريها عن العوض. الجوهرة ص ٤٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>