للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٧٠٩ - فَصْل: [الأصل في المسلم العدالة]

قال: والمسلمون عندنا عدول في شهادتهم، يجرون على ذلك، وتمضي شهادتهم إلا من ظهرت منه رِيبةٌ عند أبي حنيفة، إلا أن يطعن المشهود عليه في الشاهدين، فيوقف الأمر حتى يسأل عنهم، فإن زكوا حكم بشهادتهم وأظهر تزكيتهم، وإن جُرحوا أوقف الشهادة ولم يمضها، ولم تكشف عن حال الشهادة ما خلا الحدود، فإنه لا يحكم بشهادة الشهود حتى يسأل عنهم.

أما جواز الحكم بظاهر العدالة فهو قول أبي حنيفة، وقال أبو يوسف ومحمد: لا تقبل شهادتهم حتى يسأل القاضي عن عدالة الباطن، وهو قول الشافعي، وكان أبو بكر الرازي يقول: لا اختلاف في هذه المسألة في الحقيقة؛ لأن أبا حنيفة [إنما] أجاب على أهل زمانه، وكان الغالب عليهم العدالة، وقد زكاهم رسول الله بقوله: "خير الناس قرني الذين بعثتُ فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم ثمَّ يفشو الكذب" (١).

وأجاب أبو يوسف ومحمد في أهل عصرهما، وقد تغيّر الناس وكثر الفساد، فلو شاهد أبو حنيفة [ذلك] لقال مثل قولهما.

لأبي حنيفة -على ظاهر الرواية-: ما روي (أن النبي قبل شهادة الأعرابي على رؤية الهلال لما أظهرَ الإسلام) (٢)، ولم يسأل عن أمر عدالته؛ ولأن الظاهر أن الإنسان يبلغ وهو غير مرتكب لمعصية، فيحصل له عدالة الإسلام،


(١) وبلفظه أخرجه المقدسي في المختارة ١/ ١٩٣؛ وابن حبان في صحيحه، ١٠/ ٤٣٦؛ وابن ماجه (٢٣٦٣)؛ وأخرج البخاري (٢٥٠٩)، ومسلم (٢٥٣٣) الحديث ما عدا لفظ (يفشو).
(٢) أخرجه أبو داود (٢٣٤٠)؛ والترمذي (٦٩١)؛ والنسائي (المجتبى) (٢١١١)؛ والبيهقي في الكبرى، ٤/ ٢١١. وغيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>