للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والوجه في ذلك: أن الخنزير يحرم الانتفاع به في حياته بكل حال، فَغَلُظ حُكمه بعد موته، وقد قيل إن الدِّباغ لا يتأتَّى في جلده لرقته، وامتزاجه بشحمه فيصير كجلد ميتة لم يُدبغْ [فلا يطهر].

وأمَّا شعورهما وعَظمهما فلا يجوز الانتفاع بهما، فلا يجوز بيعهما.

١٢٢٨ - فَصْل: [بيع شعر وعظم عامة الحيوان]

قال أبو الحسن: فأمَّا غير الخنزير والإنسان، فإن بيع الشعر والصوفِ والوَبر والقرن والعظم فجائز مذبوحًا كان أو غير مذبوح، ولا يحرمُ بالموت ما يجوز إنْ بانَ من حي وهو حي، وينتفع به.

والأصل في طهارة شعر الميتة وعظمها - خلاف ما قال الشافعي -: حديث أم سلمة، أن النبي قال: "لا بأس بمسك الميتة إذا دُبغ، وصوفها وشعرها وقرنها إذا غُسل بالماء" (١)؛ ولأنَّه لو انفصل من الحيوان حال حياته كان طاهرًا، فإذا انفصل بعد موته جَاز أن يحكم بطهارته كالولد.

وهذه المسألة مبنيَّة على أن الشعر والعظم لا حياة فيهما؛ بدلالة أن الحيوان لا يُدرك بهما ضربًا من المُدركات [ولا يألم بقطعهما من غير آفة فيهما]، ولأنَّ الحياة تحتاج إلى بنية مخصوصةٍ وأجزاء من الرطوبة، وليست موجودةً في الشعر، وإذا لم يكن فيها حياة لم يؤثِّر فيها الموت.

فأما عصبُ الميتة ففيه روايتان: إحداهما: أنَّه طاهر؛ لأنَّ العصب من جنسِ


(١) أخرجه البيهقي في الكبرى، وقال: " … يوسف بن السفر متروك، ولم يأت به غيره" ١/ ٢٤؛ وقال الدارقطني نحوه ١/ ٤٧؛ الدراية ١/ ٥٨؛ نصب الراية ١/ ١١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>