يشترط الولاء لهم، فاشترت واشترطت وأعتقت، وذكرت ذلك لرسول الله ﷺ، فأجاز العتق وأبطل الشرط، وخطبَ فقال:"ما بال أقوامٍ يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله تعالى، شرط الله أملك، وحكم الله أوثق، ما بال أحدكم يقول: أبيع على أن الولاء لي، إنما الولاء لمن أعتق"(١)، فأجاز النبي ﷺ العتق معَ فسادِ البيع بالشرط.
احتجَّ بهذا الحديث أبو يوسف؛ ولأنَّه نوع معاوضة، فجاز أن يقع الملك فيه بالقبض، كالهبة والقرض، ولا يلزم النكاح؛ لأنَّ الملك فيه يقعُ ويقفُ على القبض، ألا ترى أنَّه إذا دخل بها يملك المنفعة بالدخول، ولهذا يجبُ عوضها؛ ولأنَّ البدل فيه يقفُ ملكه على القبض أيضًا؛ ولأنَّه أحد ما يملك به المشتري التصرَّف في المبيع، فصار كالعقد.
[١٢٠٠ - فصل: [الملك بالقبض فيما كان العوض لا قيمة له]]
وأمَّا إذا كان العوض فيه ممَّا لا قيمة له، لم يملك [بالقبض]، وهذا مثل البيع بالدم والميتة [والذبح]، قال أبو يوسف وكذلك إذا قال أبيعك بغير ثمن؛ لأنَّ البيع ما اشتمل على عوضين، وما اشتمل على عوض واحد فهو هبة وصدقة، فلم يكن ذلك بيعًا، فلم يملك به.
وأمَّا إذا كان العوض ممَّا له قيمةً، فقد ذكر ابن سماعة عن محمد في نوادره: إذا قال أبيعُك بما يرعى إبلي في أرضك، أو بما يشرب من ماء بئرك، فإنه يملك المبيع بالقبض؛ لأنَّ سمَّى في مقابلته ما له قيمة، ألا ترى أنَّه لو قطع الحشيش واستقى الماء في إناء جاز بيعه فاشتمل العقدُ على عوضين، فلذلك ملك المبيعَ.