بَابْ: العبد يجني فيحدثُ المولى فيه ما يكون اختيارًا أو لا يكون
قال أبو الحسن رحمه الله تعالى: وإذا قتل العبدُ قتيلًا خطأً، فأخرجه المولى من ملكه ببيعٍ أو غيره، أو أعتقه، أو دبّره، أو كاتب أمةً فاستولدها، أو أقرّ به لرجلٍ وهو يعلم بالجناية، فهو مختارٌ، وعليه الدية.
وإن كان لا يعلم فعليه قيمة عبده، وذلك لما بيّنا أنّ المولى مخيّرٌ في جناية العبد بين الدفع والفداء، ومن خُيّر بين أمرين، ففعل ما يدل على اختيار أحدهما، أو ما يمنع من اختيار أحدهما، تعيّن عليه الآخر، ومعلومٌ أنّه إذا باعه أو وهبه فقد تعذّر عليه دفعُه، فصار بذلك مختارًا للفداء.
وكذلك إذا أعتقه؛ لأنّ الدفع تمليكٌ، فلا يصحّ في الحر، وكذلك التدبير والاستيلاد يمنع من نقل الملك في الرقبة، فيتعذّر الدفع بفعل المولى.
فأمّا إذا أقرّ به لغيره، فقد ذكر في الأصل: أنّه لا يكون مختارًا، وفي غير الأصول: أنّه يكون مختارًا، وهو الذي ذكره أبو الحسن رحمه الله تعالى.
وجه ما في الأصل: أنّ الإقرار لا يوُجب سقوط حقّ وليّ الجناية، وليس فيه نقل الملك؛ لجواز أن يكونَ الأمرُ على ما قال المُقِرّ، فكأنّ البيّنة قامت بالملك.
وجه الرواية الأخرى: أنّ العبدَ على ملكه في الظاهر، فإذا أقرّ به، استحقّه المُقَرّ له بإقراره، فصار كما لو باعه أو وهبه.