قال أبو حنيفة: إذا جاءت امرأة مسلمة من دار الحرب جاز تزويجها، ولا عدة عليها، وقال أبو يوسف ومحمد: عليها العدة.
لأبي حنيفة قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ﴾ [الممتحنة: ١٠]، فأباح نكاح المهاجرة مطلقًا ولم يشترط فيه انقضاء العدة، ثم قال: ﴿وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ﴾، فلو منعنا من تزويجها للعدة لكان ذلك تمسكًا بعِصَمِ زوجها الكافر؛ ولأن الفُرقة وقعت بينهما باختلاف الدارين كالمسْبيَّة.
وجه قولهما: أن الفُرقة وقعت عليها وهي مسلمة في دار الإسلام فصارت كسائر المسلمات، وأما إذا كانت حاملًا فروى محمد عن أبي حنيفة: أنها لا تتزوج، وهي إحدى الروايتين عن أبي يوسف، وروى بشر بن الوليد عن أبي يوسف عن أبي حنيفة: أنه يتزوجها ولا يطؤها حتى تضع.
وجه رواية أبي يوسف: أن ماء الحربي لا حرمة له، فحَلَّ محل ماء الزاني منه.
وجه رواية محمد: أنها حامل بولد ثابت النسب كامرأة المسلم.
وقال الطحاوي: الصحيح ما رواه محمد ظنًا منه أن المنع من تزويجها لأجل العدة، [ومن أصل أبي حنيفة أن لا عدة على المهاجرة](١).