قال أبو الحسن: وإذا حلف الرجل لا يركب دابة فهو على الدّواب التي يركبها الناس في حوائجهم في مواضع إقامتهم، فإن ركب بعيرًا أو بقرة، لم يحنث، وقد كان القياس أن يحنث في ركوب كل الحيوان؛ لأن الدابة عبارة عما يدبّ على [وجه] الأرض، قال الله تعالى: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا﴾ [هود: ٦]، وقال: ﴿إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [الأنفال: ٥٥]، إلا أنهم استحسنوا وقالوا: تحمل اليمين على ما يركبه الناس في الأمصار لقضاء الحوائج غالبًا: وهو الخيل، والبغال، والحمير؛ لأنا نعلم أنه لم يقصد ركوب كل حيوان، فحمل على ما يركب في العادة، والفيل، والبعير، والبقر لا تركب لقضاء الحوائج في الأمصار غالبًا.
فإن نوى بيمينه الخيل خاصة دُيّن فيما بينه وبين الله تعالى، ولم يدين في القضاء؛ لأنهم قد يذكرون الدابة ويريدون بها الخيل، إلا أن الظاهر ما ذكرناه.
قال: فإن حلف لا يركب فَرَسًا فركب بِرْذَوْنًا، أو حلف لا يركب بِرْذَوْنًا فركب فَرَسًا لم يحنث؛ لأن الفرس عبارة عن العربي، والبِرْذَوْن عن [العجمي](١)، فصار كمن حلف لا يكلم رجلًا عربيًا فكلم عجميًا لم يحنث.
قال: ولو حلف لا يركب ولا نية له، وقال: نويت الخيل لم يصدق فيما بينه