قال أبو الحسن: إذا دفع رجل إلى رجل ألف درهم مضاربةً فقبضها المضارب، فلم يتصرف فيها حتى هلكت، بطلت المضاربة في قول أصحابنا جميعًا؛ وذلك لأن المضاربة تقف صحتها على القبض، وتتعين فيما وقعت عليه كالوديعة، فإذا تعينت في المال بطل العقد بهلاكها، (والقول قول المضارب في هلاكها)(١) وإن لم يعلم ذلك؛ لأنه أمين في المال كالمُوْدَعِ، والقول قوله مع يمينه؛ لأن الخصومة تلزمه في ذلك، فكان القول قوله مع يمينه.
قال أبو الحسن عن أبي حنيفة: فإن استهلك الألف التي قبضها المضارب وهي رأس المال، أو أنفقها أو أعطاها رجلًا فاستهلكها، لم يكن له أن يشتري عليها شيئًا للمضاربة؛ وذلك لأنه صار ضامنًا للمال بالتعدي، ومن حكم المضارب أن يكون أمينا.
قال: فإن أخذها من الذي استهلكها، كان له أن يشتري بها على المضاربة؛ وذلك لأنه لما أخذ العوض عنها، صار كأنه أخذ ثمنها.
وقال ابن رستم عن محمد: لو أقرضها المضارب رجلًا فرجعت الدراهم إليه بعينها، رجعت على المضاربة؛ لأنه ضمنها بالتعدي ثم أزال التعدي، فزال الضمان المتعلق به، فإن أخذ مثلها لم ترجع على المضاربة؛ لأن الضمان استقر