للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والمسألة الثانية: أن المدة المعقود عليها تكون متوالية من حال العقد إلى انقضائها؛ لأنا لو لم نجعلها كذلك صارت مدة مجهولة، فوجب حمل العقد على ما يصح [العقد] عليه.

والمسألة الثالثة: أن التسليم يجب على المؤاجر في طول المدة المعقود عليها، وفي جميع المسافة، فإن حدث مانع بعد التسليم سقطت الأجرة عن المستأجر: كمن استأجر دارًا ليسكنها، أو عبدًا لخدمته شهرًا، أو دابة ليركبها إلى الكوفة، فيسكن أو يستخدم بعض المدة، أو يركب بعض المسافة، ثم يغصب الدابة غاصب، أو العبد، أو يحدث بهما ما يمنع من الانتفاع بهما من مرض أو إباق، أو يغصب الدار، أو تغرق حتى لا يمكن الانتفاع بها، وكالزرع ينقطع عنه الشِّرب، والرحى تنقطع عنها الماء، فإن الأجر ساقط في مدة ذلك، ولازم فيما مضى؛ وذلك لأن المنافع لا تصير مسلمة بتسليم العين التي تحدث منها؛ لأنها معدومة، والتسليم من صفات الموجود، وإنما تحدث المنافع على ملك المؤاجر حالًّا فحالًّا، ولا يصير المستأجر متسَلِّمًا لها كذلك، فإذا حدث المانع فقد تعذر تسليم المنفعة قبل القبض، فسقط البدل كتعذر تسليم المبيع قبل القبض (١).

٢٢٦٩ - فَصْل: [الاختلاف في تسليم الأجرة]

فإن اختلفا بعد انقضاء [مدة] الإجارة، فقال المستأجر: لم تسلم إليّ ما أجرتني، وقال المؤاجر: قد سلّمت، فالقول: قول المستأجر مع يمينه؛ وذلك لأن المؤاجر يدّعي دخول الشيء في ضمان المستأجر، فالقول قول من ينفي الضمان، كمن ادعى عليه الغصب فجحد [ذلك]، وكل من جعلنا القول


(١) انظر: الأصل ٣/ ٤٤٩؛ شرح مختصر الطحاوي ٣/ ٣٩٠ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>