للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦٧٩ - فَصْل: [ابن السبيل في دفع الزكاة]

وأما ابن السبيل: فهو المنقطع عن ماله، يجوز دفع الصدقة إليه وإن كان له مال كثير إذا كان غائبًا عنه لا يتوصل إلى الانتفاع به، فهو كالفقير الذي لا مال له.

وإنما يسمى ابن السبيل؛ لأن السبيل: الطريق، فمن لازم السفر نسب إليه أنه ابنه، كما يقال: فُلَان ابن الغنى، وابن الفقر، ولم يشترط سبحانه في ابن السبيل الفقر؛ لأن ذلك معلوم، ولم يشترط في اليتامى في آية الخمس الفقر؛ لأن ذلك معلوم.

وقد قال أصحابنا: إن الله تعالى ذكر هذه الأصناف بيانًا لجهة الاستحقاق، وأنه لا يخرج عنها، وإنما المقصود: الفقر، فإن دفع إلى صنف واحد جاز، وقال الشافعي: لا بد [من] أن يقسم كل رجل صدقته على ثلاثة من كل صنف (١).

والدليل على أن الفقر هو المعتبر: ما روي أن النبي قال: "أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم، وأرُدَّها في فقرائكم"، وقال لمعاذ حين بعثه إلى اليمن: "فإن أجابوك، فأعلمهم أن الله تعالى فرض عليهم حقًا في أموالهم، يؤخذ من أغنيائهم، ويردّ في فقرائهم" (٢) وهذا خبر يجري مجرى الاستفاضة؛ لأن الأمة تلقته بالقبول، فدلّ على أن الصدقة حق الفقراء، وأن المعتبر الفقر.

ولأن الإمام يجوز له أن يدفع صدقة الواجب إلى الواحد، وهو قائم مقام صاحب المال في الدفع، فإذا جاز له ذلك، جاز للمالك أيضًا؛ ولأن الدفع


(١) انظر: مختصر اختلاف العلماء ١/ ٤٨٢؛ الأم ٢/ ٨٣، ٨٧.
(٢) أخرجه البخاري (١٣٣١)؛ ومسلم (١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>