للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَاب الإقرار بشيء مجهولٍ

قال: وإذا أقرّ أنّه غصبَ رجلًا شيئًا، ولم يبيّن ما هو، فإنه يلزمه من ذلك ما شاء، والقول قوله مع يمينه، ولا بد أن يقِرَّ بشيءٍ يتمانعه الناس، ويحلف على دعوى المغصوب منه.

أما جواز الإقرار، فقد بيّناه، وأما الإقرار بالمجهول، فالدليل عليه قوله تعالى: ﴿بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ﴾ [القيامة: ١٤]، ولم يُفَصّل؛ ولأنّ المقِرّ إنّما يقر بما لزمه الإقرار به ويثبت في ذمته، وقد يلزم الإنسان الحقوق المجهولة، فإذا أقرّ بها جاز.

وليس كذلك الشهادة؛ لأنّ الشهادة لا بد أن يعلم ما يشهد به، والمجهول لا يعلمه؛ ولأنّ الشهادة لا يتعلّق بها حكمٌ، إلا أن ينضمّ إليها حكم الحاكم، والحاكم لا يحكم بتسليم المجهول.

فإذا ثبت لزوم الإقرار والبيان إلى المقرّ، فإن بيّن وإلا أجبره القاضي على البيان؛ لأنه أقرّ بلزوم حقٍّ في ذمّته، ومن لزمه حقٌّ مجهولٌ فبيانه عليه، كمن أعتق أحد عبيده، وكمن باع قفيزًا من صُبرةٍ لزمه تمييزه، [ولا بدّ أن يقرّ] (١) بشيءٍ يتمانعه الناس ويقصدونه بالغصب؛ لأنّه أقر بالغصب، وما لا يُتمَانع لا يُغصَب.

ولهذا قالوا: لو بيّن ما يغصبه الناس مما لا قيمة له أو لا يُضمَن، صُدِّق،


(١) في أ (ولأنه إن أقرّ)، والمثبت من ب، والسياق يقتضيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>