قال أبو الحسن رحمه الله تعالى: وإذا وهب رجلٌ [لرجلٍ] شيئًا، فعوّض الموهوبُ له الواهب من هبته شيئًا، فقال: هذا عوض من هبتك، أو قال: قد نحلتك هذا عن هبتك، أو كافأتك، أو جازيتك، أو أثبتك، أو هذا بدل هبتك أو مكان هبتك، أو قال: تصدقت بهذا عليك بدلًا عن هبتك، أو نحله أو أعمره فقال: هذا عوضٌ من هبتك، فإن هذا عوض في هذه الوجوه كلها، إذا سلمه المعوض وقبض، صَحَّ، والعوض هبة تصح بما تصح به الهبة، وتبطل بما تبطل به الهبة عند أصحابنا جميعًا.
[قال الشيخ]: وجملة هذا أن العوض في الهبة على ضربين: عوضٌ بعد العقد، وعوضٌ مشروط في العقد.
فأما العوض المتأخر عن العقد: فهو لإسقاط الرجوع، ويعتبر فيه الشرائط المعتبرة في الهبة، من القبض وعدم الإشاعة؛ وذلك لأنه غير مستحقٍّ على الموهوب له، وإنما يتبرع به ليسقط عن نفسه الرجوع، فصار كالهبة المبتدأة.
وإنما صار عوضًا بهذه الألفاظ التي ذكرها؛ لأن كلّ واحدٍ منهما يفيد ما يفيده الآخر، والحكم عندنا يتعلّق بمعاني المعقود دون عبارتها، إلا أنه لا بدّ أن يضيف العوض إلى الهبة ليسقط الرجوع فيها.
فأما إذا وهب له هبةً مبتدأةً ولم يعلقها بالأولى، لم يصر عوضًا منها، ويثبت