قال أبو الحسن: الوصية ما أوجبها الموصي في ماله متطوعًا بها من غير أن يستحق ذلك عليه، وسواء أوجبها بموته أو بمرضه الذي مات فيه، وهذا صحيح؛ لأن الوصية اسم لعقد أفرد به، وقد قدّمنا أن العقود تختلف أسماؤها لاختلاف معانيها، والتبرع في حال الحياة هبةٌ وصدقة وعارية، وإن تبرع بذلك بعد موته سُمي وصيةً.
وإنما اختصت الوصية لما كان تبرعًا؛ لأن الأمور الواجبة لا يقف استحقاقها على قول الميت، وإنما يستحق بقوله ما لم يكن واجبًا؛ فلذلك قلنا: إن الوصية تختص بالتبرع الموجب بعد الموت.
فأما قول أبي الحسن: إن الوصية ما أوجبها الموصي في ماله بعد موته، أو في مرضه الذي مات فيه، فهذا يجوز؛ لأن ما تبرع به في مرضه من العتق والهبة والمحاباة حكمه حكم الوصايا في اعتبار الثلث فيه
فأما أن تكون وصية، فلا؛ لأنه منجّز قبل موته كما ينجزه في صحته، ولكنه بيّنها، والوصايا في اعتبار الثلث فيه.
قال: ما أوجبه بعد الموت من الثلث وإن أوجبه في صحته؛ لأنه علَّقه بالموت، وتلك الحالة حق الورثة متعلق بالمال، فلا معتبر بحال العقد، وإنما