قال: وإذا حاصر المسلمون مدينةً من مدائن أهل الحرب، أو حصنًا من حصونهم، فدعوا المسلمين أن ينزلوهم (١) على أن يحكموا فيهم بحكم الله تعالى، فلا ينبغي لهم أن يُجيبوهم إلى ذلك؛ لنهي رسول الله ﷺ عن ذلك، وقد بيّنا هذه المسألة واختلاف أبي يوسف ومحمدٍ فيها.
فإن أجابوهم إلى ذلك، فإنّ خلف بن أيوب، وبشر بن الوليد رويا عن أبي يوسف: أنّ الحكم فيهم إلى الإمام، يتخيّر أفضل ذلك للدين والإسلام، فإن رأى قتلهم وسبي الذراري أفضل، أمضى ذلك فيهم على حكم سعد بن معاذ، فإن رأى أن يجعلهم ذمّةً يؤدّون الخراج، ورأى ذلك أفضل للدين والإسلام، وأحسن في توفير الفيء الذي يتقوّى به المسلمون عليهم وعلى غيرهم، فذلك إليه، وهذا جائزٌ.
فإن أسلموا قبل أن يمضي الحكم، فهم مسلمون أحرارٌ، وإن دعاهم إلى الإسلام قبل أن يحكم بواحدٍ من الوجوه، فأجابوا إلى الإسلام وأسلموا، فهم أحرارٌ، والأرض لهم، وكذلك إن صيّرهم ذمّةً، فالأرض لهم، ويضع عليهم الخراج.
فأمّا إذا أسلموا قبل أن يحكم فيهم، فهم مسلمون أحرارٌ، وأرضهم لهم وهي أرض عُشْرٍ.