قال أبو الحسن: ما جاز بين المسلمين من المهر فهو جائز بين أهل الذمة، وهذا لما بينا أن أحكامنا تجري عليهم، فما جاز بيننا فهو بينهم أجوز، وما لا يجوز بين المسلمين لم يجز بينهم إلا الخمر والخنزير؛ وذلك لأنها مالٌ لهم فيجوز أن تكون مهرًا في حقهم كالشاة والعصير في حق المسلمين، فإن [أسلما أو] أسلم أحدهما والمهر لم يقبض وهو بعينه، فعند أبي حنيفة ليس لها إلا العين، وقال أبو يوسف: مهر المثل، وقال محمد: القيمة.
وجه قول أبي حنيفة: أنها ملكت الخمر وتم ملكها فيها، بدلالة جواز تصرفها من جميع الجهات، والسبب الموجب لتسليمها [وهو النكاح] لا ينفسخ بالإسلام، فصارت كالخمر المغصوبة.
وجه قول أبي يوسف: أن الإسلام الطارئ على العقد على الخمر قبل القبض يصير كالموجود في الابتداء، أصله عقد البيع.
وجه قول محمد: أن التسمية فيها قد صحت وقد تعذر (القبض)(١) بالإسلام؛ لأن المسلم لا يجوز له أن يتمم الملك في الخمر بالقبض، وتعذُّر التسليم بعد صحة التسمية يوجب القيمة كهلاك المهر.