للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[٥٢] كتاب الإجَارَاتِ

قال رحمه الله تعالى: الإجارة عقد على المنافع بعوض، وهو خلاف النكاح؛ لأنه عقد على استباحة منافع البُضْعِ بعوض، والعقد على المنافع على ضربين: عقد بعوض يسمى إجارة، وعقد بغير عوض: وهو العارية، والوصية بالمنافع.

والأصل في جواز الإجارة قوله تعالى حكاية عن شعيب : ﴿قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ﴾ [القصص: ٢٧]، وما ثبت في شرائع من قبلنا فهو لازم لنا، إلا أن يدل دليل على نسخه (١)، ولأن النبي بُعث والناس يستأجرون ولم ينكر ذلك، وقال : "من استأجر أجيرًا فليعلمه أجره" (٢)، ومرّ على رافع بن خديج وهو في حائط فأعجبه فقال: "لمن هذا؟ " فقال: لي استأجرته، فقال : "لا تستأجره بشيء منه" (٣)، فلو كان العقد لا يجوز بكل حال، لما كان للتخصيص معنى.

ولأن المنافع على ضربين: منافع البُضْع، و [منافع] غير البُضْع، فإذا جاز العقد على أحدهما جاز على الآخر، ولا يقال: إنه عقد على المعدوم، وعلى ما لا يملك الإنسان؛ لأن ملك الأصل الذي يتولد منه المنافع جعل كملكها في باب


(١) انظر: تفسير ابن عطية، ص ١٤٤٠.
(٢) أخرجه البيهقي في الكبرى مرفوعًا ٦/ ١٢٠؛ وأبو حنيفة في مسنده رواية أبي نعيم الأصبهاني ١/ ٨٩؛ من مرسل إبراهيم. انظر: نصب الراية ٤/ ١٣١.
(٣) أخرجه محمد بن الحسن في كتاب الآثار، ص ١٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>