للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والضرب الثالث: ما يخيّر الإنسان فيه من البَرّ والحنث.

فمنها: ما يندب إلى الحنث: وهو ما كان فعله خيرًا من تركه.

ومنها: ما لا يندب إلى الحنث: وهو المباحات، وقد دلّ على ذلك قوله (من حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا، منها، فليأت الذي هو خير).

٢١٧١ - فَصْل [يمين الغموس]

وأما اليمين الثانية: فهي يمين الغموس: وهي التي تقع على الماضي والحالف متعمّد للكذب، أو تقع على الحال كذلك، فالماضي مثل قوله: وَاللهِ مَا فَعَلْتُ كَذَا وهو يعلم أنه قد فعله، [أو يقول]: والله قد فعلت كذا وهو يعلم أنه لم يفعله، والحال مثل قوله: والله ما لهذا عليَّ دَين وهو كاذب، فهذه اليمين لا تنعقد عندنا، ولا كفارة فيها، وإنما على الحالف بها الاستغفار وأمره إلى الله. وقال الشافعي : فيها الكفارة (١).

ولنا قوله : (اليمين الغموس تدع الديار بلاقع) (٢)، ولم يذكر الكفارة، ولاعن بين الزوجين وأمرهما بالتوبة لعلمه أن أحدهما كاذب، ولم يأمر بالتكفير للكاذب منهما؛ ولأنها يمين على الماضي كاللغو في الماضي، [ولأن] (٣) الله تعالى أوجب الكفارة في اليمين المنعقدة، والعقد ما يتصور فيه الحل والعقد، وهذا لا يتصور في يمين الغموس؛ لأنه لا يصح البقاء على عقدهما، ولأن


(١) وقال مالك وأحمد في إحدى روايتيه لا كفارة لها كقول الحنفية، وقول الشافعي وأحمد في الرواية الأخرى تكفر". رحمة الأمة ص ٤٣٣.
(٢) الحديث أخرجه أبو بكر الكلاباذي في بحر الفوائد المشهور بمعاني الأخبار ١/ ٣٢٣؛ والذهبي في تذكرة الحفاظ ٢/ ٥٨٢؛ والبغوي في "شرح السنة" ١/ ٨٥.
(٣) في ب (ولعل)، والمثبت من أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>