للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[٨١] كتابُ الإقرار

قال : الأصل في لزوم الإقرار (١) للمقِرِّ قوله تعالى: ﴿وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا﴾ [البقرة: ٢٨٢]، فلو لم يلزم المقِرَّ ما أقرّ به لم يرجع إلى إملائه، ثم ذمّه على الكتمان، فلولا أنّه إذا ظهر تعلّق بإظهاره الحكم، لم يكن لذمّه معنًى، ألا ترى أنّ الله تعالى لما ذمّ الشهود على كتمان الشهادة، دلّ على أن إظهارها يتعلّق به حكمٌ، ويَدُلُّ عليه قوله تعالى: ﴿بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ﴾ [القيامة: ١٤]، قال ابن عباس: [شاهدةٌ] (٢)، وروي أنّ ماعزًا أقرَّ عند النبي بالزنا، فرجمه النبي (٣).

وقال في قصة العَسيف: "واغد يا أُنيسُ إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها" (٤)، وهذا يدلّ على أنّ الاعتراف يثبت به الحدّ، فلأن يثبت به المال أولى.

ولأن المقرّ غير متّهمٍ على نفسه فيما يقرّ به، فوجب أن يلزمه حكم إقراره.

قال أبو الحسن: وإذا أقر البالغُ العاقلُ الحُرُّ بشيءٍ في ذمّته، أو فيما في يده، أو في بدنه بشيءٍ من حقوق الناس، جاز ذلك عليه وأُخِذ به، فإن رجع عنه


(١) الإقرار لغة: مشتق من قرّ الشيء إذا ثبت، وقيل: هو ضد الجحود.
وشرعًا: "هو إخبار عن ثبوت حق الغير على نفسه، وليس بإثباته". كما في أنيس الفقهاء ص ٢٤٣.
وفصّل الجوهرة: "عبارة عن إخبار عن كائن سابق، وإظهار لما وجب بالمعاملة السابقة، لا إيجاب ولا تمليك مبتدأ". ص ٣٢٠.
(٢) مزيدة من ب، رواه ابن جرير الطبري في تفسيره (٢٩/ ١٨٥)، دار الفكر، ط ١٤٠٥ هـ.
(٣) رواه البخاري (٦٤٣٨)؛ ومسلم (١٦٩٣).
(٤) رواه البخاري (٢١٩٠)؛ ومسلم (١٦٩٧) من حديث أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>