للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد روي أن رسول الله لما خير نساءه قال لعائشة قبل ذلك: "إني أعرض عليك أمرًا فلا تعجلي حتى تستشيري أباك" (١)، فدل على أن المشورة لا تبطل الخيار.

قال: فإن قامت من مجلسها، أو قطعت المجلس بكلام، لم يعد الأمر في يدها بذلك الجعل أبدًا؛ وذلك لأنه ملكها الطلاق، فإذا أعرضت عنه فقد ردت التمليك، فيصير كإيجاب البيع إذا رد.

قال: وليس لها أن تختار إلا مرة واحدة؛ لأن الأمر لا يقتضي التكرار، فإن قال لها: أمرك بيدك كلما شئت، فأمرها بيدها في ذلك المجلس (وغيره) (٢)، ولها أن تطلق نفسها في كل مجلس واحدة حتى تبين بثلاث؛ وذلك لأن كلما تقتضي تكرار الأفعال فيتكرر التمليك بتكرر المشيئة، إلا أنها لا تطلق نفسها في مجلس واحد أكثر من تطليقة واحدة؛ لأنه في كل مجلس كأنه قال لها: أمرك بيدك، فإذا اختارت فقد استوفت موجب ذلك الأمر.

فإنما يتجدد لها الملك في مجلس ثانٍ بمشيئة مستقبلة، فإذا استوفت ثلاث تطليقات ثم تزوجها بعد زوج، فلا خيار لها، لأنها استوفت طلاق ذلك الملك، والزوج إنما مَلَّكَها ما كان يملك، فما لا يملك لا يجوز أن يتملكه بتمليكه.

١٦٢٨ - [فَصْل: قول الرجل: أمرك بيدك متى شئتِ]

فإن قال لها: أمرك بيدك إذا شئت، أو متى شئت، أو إذا ما شئت، أو متى ما شئت؛ فلها الخيار في المجلس وغير المجلس أن تختار مرة واحدة ولا يتكرر


(١) أخرجه مسلم (١٤٧٨) وغيره بلفظ (أبوك).
(٢) الجملة ساقطة من أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>