تتفتت، أنّها لا تنجس [اللبن] استحسانًا؛ لأنّ اللبن لا يخلو حال الحلب من سقوط بعرة فيه، وقد حكمت الأُمّة بطهارته؛ ولأن البعرة متماسكة وبلة موضع الخلقة على ظاهرها، وتلك البلة طاهرة في الأصل، وإنما نجست بمجاورة النجاسة، فلا ينجس ما يجاورها في حال العذر، وليس كذلك إذا وقعت بعر كثيرة؛ لأنه يصطك بعضها ببعض فتتفتت منها أجزاء في [اللبن].
وقد قالوا في البعرة الواحدة إذا تفتتت نجست الماء.
١٠٩ - [فَصْل: الأصل في النزح من الآبار]
وما ذكره أصحابنا: في البئر من النزح، فهو استحسان ورجوع إلى قول السلف، فمن اعترض على ذلك فإنّما عاب السلف؛ ولأن الشافعي لا كلام له علينا في هذا؛ لأنّ البئر تطهر بالنزح بإجماع منا ومنه، وقول أصحابه: إن الدلو المطهر للبئر [دلو كيّس] يخرج الماء النجس من [الماء] الطاهر، قول باطل باتفاق السلف، ثم قالوا به وزادوا عليه فقالوا في بئر فيها قلتان، وقعت فيها فأرة فماتت ولم يتغير [الماء]، إنّه طاهر يجوز الوضوء به، فإن استقى منها دلوًا، فنقصت من قلتين والفأرة فيها، فما في باطن الدلو طاهر، وما بقي في البئر نجس، وما على ظاهر الدلو من البلة نجس، فإن استقوا دلوًا فحصلت الفأرة فيه، فما في داخل الدلو من الماء نجس، وما بقي في البئر طاهر، فدلوهم هذا كيس، وقد دخلوا فيما عابوه، إلا أن ما قلناه [عضده] الإجماع وقول السلف، وما قالوه لا إجماع فيه ولا سلف تقدمهم به.
١١٠ - [فَصْل: حصول طهارة البئر بالنزح]
قال أبو يوسف: إذا نزحت البئر بإخراج الدلو الأخير، لم تطهر حتى