للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال فيه: "إن أخا صُداء هو الذي أذن"، قال الثوري: وكان يقال من أذن فهو يقيم، فهذه الزيادة من قول الثوري (١).

٢٩٢ - فَصْل: [إعادة الجماعة في المساجد]

وقال أصحابنا: إن مسجد الجماعة إذا أذّن فيه وصَلّوا، لم يجز لغيرهم أن يؤذن فيه، ويعيد الجماعة، ولكن يصلون وحدانًا، وإن كان مسجدًا على طريق، فلا بأس أن يؤذنوا فيه ويقيموا مرة بعد مرة (٢)، وإنما لم تجز الإعادة، لما روى خالد الحذاء عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه: "أن رسول الله أقبل من بعض نواحي المدينة يريد الصلاة، فوجد الناس قد صلوا، فمال إلى منزله فجمع أهله، وصلّى بهم" (٣)، فلو جاز إعادة الجماعة لفعلها؛ ولأن المسجد إذا كان له إمام راتب ومؤذن، ففي فعل غيره للصلاة إسقاط تخصصه بالمسجد، فلا يجوز؛ ولأنه لا يجوز أن يفعل فيه الجماعة في حالة واحدة في موضعين؛ لما يؤدي إلى إبطال تخصص الإمام، وهذا المعنى موجود في جماعة بعد جماعة.

والذي روي أن رسول الله رأى رجلًا يصلي في المسجد، فقال: "من يقوم فيتصدّق على هذا! " (٤)، فإن خبرنا يفيد المنع، فهو أولى، وأما المسجد


(١) رواية الثوري أخرجها الطبراني في الكبير ٥ (٥٢٨٦)، ولم أجد فيها الزيادة المذكورة.
(٢) وهو قول الجمهور، فقال الطحاوي: "قال أصحابنا، ومالك، والثوري، والحسن بن حييّ، والليث، والشافعي: إذا صَلّى فيه أهله، لم يعد الجماعة فيه، وإن كان مسجدًا على الطريق صَلّى فيه قوم جماعة، ثم جاء آخرون، فلا بأس بأن يصلوا جماعة". مختصر اختلاف العلماء ١/ ٢٥١.
(٣) أخرجه الطبراني في الأوسط (٤٦٠١، ٦٨٢٠)، وعزاه الهيثمي في مجمع الزوائد (٢١٧٧) إلى الطبراني في الكبير والأوسط، وقال: رجاله ثقات.
(٤) أخرجه عبد الرزاق في المصنف (٣٤٢٧) عن أبي عثمان النهدي قال: رأى النبي رجلًا يصلي وحده فقال: "من يتصدق على هذا فيصلي معه".

<<  <  ج: ص:  >  >>