قال أصحابنا رحمهم الله تعالى: إذا غصب الرجل ثوبًا، فغصبه رجل من يَده ثم ردّه عليه، برئ؛ لأن الغاصب له يد صحيحة، ألا ترى أنها يد ضمان، فجاز الرد عليه، كما يجوز على المالك.
فإذا أحرق هذا الثوب رجل في يد الغاصب، فدفع القيمة إلى الغاصب، برئ في الرواية المشهورة، وروي عن أبي يوسف أنه قال: لا يبرأ إلا أن يردها بحكم حاكم.
وينبغي للحاكم إذا علم ذلك أن لا يأمر بدفع القيمة إلى الغاصب، ولكنه [يعيدها إلى المالك](١).
[وجه قولهم المشهور: أن الغاصب له يد صحيحة، فصار كالمالك]؛ ولأنه لو ردَّ عليه العين برئ من الضمان، فكذلك إذا ردَّ عليه القيمة، كالمودع.
وجه قول أبي يوسف: أن المغصوب ثبت له حق في تضمين الغاصب وغاصب الغاصب، فلا يسقط حقه من ذلك إلا برضاه.
فأما إذا قضى القاضي بالقيمة، فقد حصل حكمه في موضع يسوغ فيه الاجتهاد.
والذي قال أبو يوسف أن الحاكم إذا علم بالحال، لم يسعه القضاء، فوجهه: أن رد القيمة إلى الغاصب تقرير للغصب، وتضييع للمال في حق مالكه، فكان الاحتياط عليه أولى.