للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٨٥٩ - فَصْل: [تكرار الردة]

فإن تاب المرتد، ثم رجع فارتدّ، كان حكمه في الدفعة الثانية كالأولى، وكذلك الثالثة والرابعة.

وحكي عن علي بن أبي طالب وابن عمر: أنّ توبته تقبل في الثالثة، ولا تقبل بعد ذلك، وإنّما (١) يقتل (٢).

لنا: ما روي أنّ أسامة بن زيدٍ أراد أن يقتل رجلًا، فقال: لا إله إلا الله، فطعنه، فقال له رسول الله : "قتلت رجلًا يقول: لا إله إلا الله؟ ومن لك بلا إله إلا الله يوم القيامة"، فقال: إنما قالها تعوّذًا، فقال: "هلّا شققت عن قلبه"؟ (٣)، فدلّ على أنّه يُرجَع في الإسلام إلى الظاهر؛ ولأنّ النبي كان يقبل من المنافقين ظاهر الإسلام، وقد أطلعه الله تعالى على اعتقادهم، ولم يقتل، فدلّ على أنّ المعتبر ظاهر الإسلام.

ولأنّه إنّما قُبلَت توبته في الدفعة الأولى والثانية؛ لإظهاره الإسلام، وهذا المعنى موجودٌ في الرابعة، وأمّا قوله تعالى: ﴿آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا﴾ [النساء: ١٣٧]، فلا دلالة فيها؛ لأنّه لم يذكر التوبة بعد الثالثة، وإنّما ذكر أنّهم ازدادوا كفرًا.

ولا يقال: إنّه إذا تكرّر الكفر منه وإظهار الإسلام دلّ على أنّه مستهزئٌ؛ وذلك لأنّ المعتبر بالظاهر على ما قدّمنا.


(١) في ب (ولكن).
(٢) ذكره السرخسي في المبسوط (١٠/ ٩٩).
(٣) رواه مسلم (٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>