للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

تعالى: ﴿حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ﴾ [التوبة: ٢٩]، [فأمر بقتال أهل الكتاب، وجعل غاية ذلك إعطاء الجزية].

وقوله: "فإن فعلوا فاقْبَلْ منهم وكُفَّ عنهم"، فلأنّهم إذا بذلوا الجزية، قام ذلك في حقن الدم والمال مقام الإسلام.

وأمّا قوله: "وإن أبوا فاستعن بالله عليهم وقاتلهم"؛ فلأنّه أعذر إليهم، فأقاموا على عدواتهم، فوجب مناجزتهم (١) والاستعانة بالله.

وأمّا قوله: "فإن أرادوكم أن تنزلوهم على حكم الله فلا تنزلوهم"، فقد اختلف أبو يوسف ومحمدٌ في هذه المسألة، فقال أبو يوسف: يجوز إنزالهم على حكم الله؛ لأنّ الأحكام قد استقرّت وعُرفَت، وإنّما كان لا يجوز ذلك في زمن رسول الله ؛ لأنّ الأحكام لم تستقرّ، فيجوز أن [ينسخ] (٢) الحكم بعد فراقهم، فإذا أنزلوهم على حكم الله وهم لا يعرفونه، كان حكمًا مما قد نُسِخ؛ فلذلك منع النبي منه، فأمّا الآن فقد استقرت الأحكام، وعُرِف حكم الله، فيجوز أن ينزلوا عليه.

وقال محمدٌ: لا يجوز أن يُنزَلوا على حكمه؛ لأنّ من أحكامه الاجتهاد، وهم لا يعرفون ذلك، وإنّما يعرفون النص، ولو علموا أنّ الأمير يجتهد فيهم لم ينزلوا، وقد قيل إنّ حكم الله ظاهرٌ في المشركين إذا غلبناهم وظهرنا عليهم عنوةً، (وإذا أسلموا أو صاروا ذمّةً، وحكمه فيمن نزل إلينا بغير غلبةٍ أو أمانٍ شبيه؛ فلذلك لم يجز أن يشترط لهم) (٣).


(١) في ب (محاربتهم).
(٢) في أ (يفسخ) والمثبت من ب.
(٣) ما بين القوسين سقطت من ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>