للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سقط فرض الجهاد عن الباقين (١)، وليس فرض الجهاد لازمًا لكلّ أحدٍ في نفسه، وهذا لمَا قدّمنا.

قال: ولا ينبغي أن يَخْلو ثغور المسلمين من ذلك: ومن أن يكون فيها من يفي بالعدو وقتالهم، والاستظهار عليهم، قال الله تعالى: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ [التوبة: ٢٩]، وقال: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ﴾ [التوبة: ٣٨]، وقال: ﴿إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ﴾ [التوبة: ٣٩]، وقال تعالى: ﴿انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [التوبة: ٤١]، وقال: ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ﴾ [التوبة: ٥]، وقوله: ﴿وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً﴾ [التوبة: ٣٦]: أراد به التقاء المقاتلين (٢)؛ لأنّه [لا] يجب قتال جميع الكفار، وهذه الآية تدلّ على وجوب الجهاد، وقد بيّنا ذلك.

قال: فإن ضَعُف مَنْ بالثغور بإزاء العدو، ولحق من العدو أمرٌ يُخَاف عليهم منه من قَتْلٍ أو سَبْيٍ، أو ظهورٍ عليهم، فضعفوا عن دفعهم عن ذلك، فعلى من وراءَهُم من المسلمين أن ينفروا إليهم الأقرب فالأقرب منهم، حتى يزول ما يخاف عليهم من ذلك، وأن يمدّوهم بالسلاح والرجال والكراع حتى يكون الجهاد أبدًا قائمًا، والدعاء إلى الله تعالى وإلى دينه متصلًا، وهذا لما بيّنا أنّ الجهاد فرضٌ على الكفاية، فإذا قام به فريقٌ سقط عن الباقين، فإذا ضعف أهل


(١) في ب (الناس).
(٢) في ب (أراد به المقاتلين لا المقاتلين).

<<  <  ج: ص:  >  >>