للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [النحل: ١٢٥].

ثمّ أمر بمقاتلتهم إذا بدؤوا بالقتال، وبالكفّ عنهم إذا كفّوا، فقال تعالى: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ [البقرة: ١٩٣]، وقال تعالى: ﴿فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ﴾ [البقرة: ١٩١]، وقال تعالى: ﴿وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ﴾ [الأنفال: ٦١].

ثمّ أمر بالقتال بشرط مُضيّ المدّة، فقال تعالى: ﴿فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ (١) [التوبة: ٥]، [وخصّ القتال في الحرم بابتدائهم فيه، فقال تعالى: ﴿وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ﴾ [البقرة: ١٩١]، ثم نُسخ ذلك ووجب القتال في كلّ حالٍ وفي كلّ زمانٍ وفي كلّ مكانٍ؛ لقوله تعالى: ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ [التوبة: ٥]، وقال تعالى]: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ [البقرة: ١٩٣].

وقد قال أصحابنا: إنّ القتال في الأشهر الحرم جائزٌ، وقال عطاء: لا يجوز.

لنا: قوله تعالى: ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ [التوبة: ٥]، وقوله: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ [البقرة: ١٩٣].


(١) قال ابن عطية: "وهذه الآية نسخت كل موادعة في القرآن، أو مهادنة، وما جرى مجرى ذلك، وهي على ما ذُكر: مائة آية وأربع عشرة آية، وقال الضحاك، والسُّدي، وعطاء: هذه الآية منسوخة بقوله: ﴿فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً﴾، وقالوا: لا يجوز قتل أسير البتة صبرًا، إما أن يُمنَّ عليه، وإما يُفادى، وقال قتادة، ومجاهد، وغيرهما: قوله تعالى: ﴿فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً﴾ منسوخ بهذه الآية، وقالوا: لا يجوز إلا القتل، وقال ابن زيد: هما محكمتان".
وأيّد ابن عطية هذا القول: "وقوله: هو الصواب، والآيتان لا يشبه معنى واحدة معنى الأخرى".
المحرر الوجيز (تفسير ابن عطية) ص ٨٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>