للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بعد إقراره لم يقبل رجوعه عنه، وسواءٌ كان الحق الذي أقرّ به لآدميٍّ مالًا أو غير مالٍ.

أمّا لزوم الإقرار؛ فقد بيّناه، وأمّا اعتبار البلوغ والعقل؛ فلأن قول الصبي والمجنون لا يتعلّق به حكمٌ؛ لقوله : "رفع القلم عن ثلاث … " (١).

فأمّا شرط الحريّة؛ فلأنّ العبد إذا أقرّ بالأموال، لزمته بعد الحريّة، وإذا أقرّ بالحدود والقصاص، لزمته في الحال، [فلما اختلف] (٢) حكم إقراره، شُرِط في جواز الإقرار الحريّة.

وأمّا إذا رجع لم يقبل رجوعه؛ لأنّ الحقّ قد لزمه للمقَرّ له، وفي رجوعه إسقاط حقّه، فلا يقبل قوله فيه.

قال: فإن كان ما أقرّ به حقًّا لله تعالى مجرّدًا من حقوق الناس، مثل الزنا، وشرب الخمر، و [حدّ] السرقة، فإن أقرّ بذلك ثم رجع عنه قبل استيفاء الحدّ، بطل الحدّ؛ لما روي أنّ ماعزًا لما مسّه حرّ الحجارة هرب، فاتبعوه فقتلوه، وذُكر ذلك للنبي ، فقال: "هلا خلّيتم سبيله" (٣)، فجعل الهرب [الدالّ] على الرجوع كالرجوع.

فإذا وجد [صريح] (٤) الرجوع أولى أن يسقط الحد؛ ولأنّ الحدود تسقط بالشبهة، والرجوع شبهةٌ، فسقطت به [الحدّ].


(١) رواه أبو داود (٤٣٩٨)؛ والنسائي (٣٤٣٢)، وابن ماجه (٢٠٤١)؛ وصححه ابن حبان فرواه في صحيحه (١٤٢).
(٢) في أ (فلا يختلف)، والمثبت من ب.
(٣) رواه أبو داود (٤٤١٩)؛ وقال ابن حجر في التلخيص الحبير (٤/ ٥٨): (إسناده حسنٌ).
(٤) في أ (مع)، والمثبت من ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>