وجه قولهما: أنّ الإقرار للغائب حصل بغير إكراهٍ، وإنما بطل بالشركة، وإذا جحد الغائب شركة الحاضر بقي الإقرار في حقّه، وليس فيه معنًى يفسده، فصحّ.
وهذا الاختلاف فرعٌ على اختلافهم في المريض إذا أقرّ لوارثه وأجنبيٍّ [بمالٍ]، فقال: قال أبو حنيفة: يبطل الإقرار، صدّق الأجنبي بالشركة أو كذّب، وقال أبو يوسف ومحمد: إن صدّق بالشركة بطل الإقرار، وإن كذّب لم يبطل.
قال: ولو أكرهوه على أن يهب جاريته هذه لفلانٍ، أو أن يهب العبد هذا لفلانٍ، ويدفعه إليه، ولم يذكر دفعًا، [ففعل] ودفعه إلى فلانٍ، فالهبة باطلة.
وكذلك لو أكرهوه على البيع والدفع؛ وذلك لأنّ البيع والهبة ممّا يختلف فيه الجِدّ والهَزْل، فكذلك يؤثّر فيه الإكراه؛ ولأنّ شرط الخيار يؤثّر فيه، والإكراه ينفي الرضا كشرط الخيار.
وفرّق بين الهبة والبيع، فقال في الهبة: إذا أكرهوه على الهبة ولم يكرهوه على الدفع فوهب وأقبض [لم تصحّ الهبة، ولو أكرهوه على البيع، ولم يكرهوه على الدفع فباع وأقبض] جاز البيع.
والفرق بينهما: أنّ مقصود المُكرِه أن يُكْرِهَ على ما يتعلّق به الاستحقاق، وعقد الهبة لا يتعلّق الاستحقاق به، فصار الإكراه عليه إكراهًا على القبض الذي لا يتمّ إلا به، ومن أكره على أن يهب ويقبض، ففعل، لم تصحّ هبته، وليس