للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

روى عن أبي حنيفة في إملائه أنّه قال: صلح الوصيّ للقاتل من الدم على الديَة أو أكثر جائزٌ بمنزلة الوالد، وإن صالح على أقلّ من الديَة لم يجز، وكان على الجاني تمام الديَة.

والأصل في ذلك: أنّ الأب يملك استيفاء القصاص الواجب للصغير في النفس وفيما دونها؛ وذلك لأنّه يلي عليه بنفسه كما يلي على حقوق (نفسه؛ ولأنّ الصبي عاجزٌ عن استيفاء القصاص لنفسه، فانتقل الاستيفاء إلى أقرب الناس إليه، وذلك) (١) الأب؛ ولهذا قال أبو حنيفة: إنّ القصاص إذا ثبت لصغيرٍ وكبيرٍ استوفاه الكبير؛ لأنّ القصاص ثابتٌ للميت، وقد عجز الصبي عن استيفائه، فيثبت الاستيفاء للكبير، ولذلك قالوا: إنّ من قتل رجلًا (٢) ولا وارث له، فللإمام أن يقتصّ؛ لأنّ الدم ثبت لجماعة المسلمين، وقد عجزوا عن استيفائه، فقام الإمام مقامهم.

وإذا ثبت أنّ الأب يجوز استيفاؤه للقصاص جاز صلحه عنه؛ لأنّ المال أنفع للصبيّ من الدم، والأب غير متهمٍ، فجاز أن يُجعَل الحقّ الذي ليس بمالٍ مالًا.

فأمّا الوصيّ فلا يملك القصاص في النفس، ويملك فيما دون النفس، والقياس أن يملك الجميع؛ لأنّه قائمٌ مقام الأب، [إلا أنّه لما قام مقامه] بعقد الوصيّ، صار كالوكيل، فلم يجز له استيفاء النفس استعظامًا لها.

ولا يقال: فهلّا قلتم: (إن الإمام لا يستوفي القصاص في النفس بهذه العلّة) (٣)؛ لأنّ الإمام لا يلي على المسلمين بعقدٍ، وإنما يلي عليهم حكمًا؛ بدلالة أنّ المتخاصمين إليه يحكم بينهما، ولو كان يتصرّف بعقدهما لم يجز حكمه عليهما.


(١) ما بين القوسين سقطت من ب.
(٢) سقطت هذه الكلمة من ب.
(٣) ما بين القوسين سقطت من ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>